|
(
قيامة مدينة ) فيلم سوري جديد
دراما وثائقية تنبش في ذاكرة القدس
بدأت مؤخراً في دمشق عمليات مونتاج الفيلم السينمائي السوري الجديد ( قيامة
مدينة ) تأليف وسيناريو وإخراج باسل الخطيب وبطولة ثناء دبسي وعابد فهد.
الفيلم روائي وثائقي يدور المحور الأساسي فيه حول امرأة ولدت في القدس
وعاشت فيها، ثم أبعدت عنها نتيجة الإحتلال الأسرائيلي، حيث يقوم ابنها
المغترب بزيارة لها بعد وفاة والده، ويكون الحديث عن القدس والذكريات هو
محور اللقاء . تمثل الأم مع آبائها وأجدادها تاريخ المدينة المقدسة، بينما
يرمز الابن إلى مستقبلها على الرغم من انه لم يرها قط في حياته، لكنها
المدينة التي يظل يراها دائماً في خياله وأحلامه . من هذه الحالة الخاصة
تتسع الرؤية في فيلم ( قيامة مدينة ) ويندمج الخطاب التسجيلي بالروائي
ليحكيا قصة القدس منذ مطلع القرن العشرين وحتى الآن . وعن الجانب التسجيلي
في الفيلم وما يتضمنه، يقول المخرج باسل الخطيب : " إنه يقوم على مجموعة
لقاءات مع أشخاص لهم علاقة مباشرة مع القدس ولدوا وعاشوا فيها ثم ابعدوا
عنها، إضافة إلى توظيف مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي توثق تاريخ القدس
في مرحلة تمتد من مطلع القرن حتى الآن ".
مغامرة سينمائية
* ألا يحمل الإقدام على مزج عالمين وثائقي وروائي جانباً من المغامرة
السينمائية ؟
- الإقدام على مزج هذين العالمين يحمل بالفعل جانباً من المغامرة فمهما اعد
المخرج لقطاته ومشاهده قبل التصوير وبطريقة بالغة الدقة فان اختلافاً كبيراً
لابد أن يحدث أثناء المونتاج ..لكنني سعيت لتوظيف الجانب التسجيلي بطريقة
درامية بحيث تتداخل الذكريات مع الصور لتشكل عالماً قائماً ومعبراً بحد
ذاته.
*هل نستطيع القول بأن فيلم ( قيامة مدينة ) رصد تاريخ القدس بشكل دقيق؟
- لايهدف الفيلم إلى سرد تاريخ مدينة، بل يعتمد أولاً على رصد الأحداث
المهمة في تاريخ المدينة المقدسة من خلال الأشخاص اللذين عرفوها ، بمعنى
كيف تعيش هذه المدينة وكيف تستمر بذاكرة هؤلاء الناس ؟ ومن هنا فان الفيلم
يركز أكثر على الجانب الإنساني وليس على سرد الأحداث. الأم في الفيلم تمثل
ماضي المدينة والذي هو أيضا ماضي الوطن، والولد يمثل المستقبل ، وهذه الصلة
بينهما هي أمر بالغ الأهمية بالنسبة لوجود الشعب الفلسطيني نفسه. هناك
مونولوج في الفيلم يقول الابن فيه إن الحنين للوطن بحالته الفلسطينية ليس
مرضاً أو يأساً، بل هو حلم وإرادة وهذان العنصران هما طرف الخيط الذي يجب
أن نتمسك به . القيامة في الفيلم مفهوم لايقتصر على العذاب والألم ، لكنه
يمتد ليشمل الأمل والحياة من جديد، ومن هنا فان هذه المدينة تترسخ صورتها
أكثر من خلال قيامتها وبعثها في ذاكرة أهلها على الرغم من كل المحاولات
لطمس شخصية هذه المدينة .
هاجس فني
*القدس، موضوع فيلمك الجديد، كانت موضوعاً لروايتك ( أحلام الغرس المقدس )
، ولمسلسل تلفزيوني قادم، هل تشكل القدس بما تعينه وتحمله هاجساً أدبياً
وفنياً وحياتياً لك ؟
- موضوع مدينة القدس مهم بالنسبة لي على المستويين العام والشخصي ، هذه
المدينة ليست العنوان الأبرز للقضية الفلسطينية فحسب بل للقضية العربية
عموماً، أنا لم أر القدس في حياتي، ومع ذلك اشعر بانتماء شديد إليها، وهي
حاضرة في أكثر من مشروع لي .
*في أعمالك السابقة ركزت دائماً على خلق صورة مختلفة عن تلك الدارجة
والمألوفة، هل ينطبق هذا الأمر على فيلم ( قيامة مدينة ) ؟
- هاجسي الدائم هو محاولة خلق صورة مختلفة، والصورة بهذا المعنى تتكون من
مجموعة مقومات لها علاقة بالمضمون، وأداء الممثلين وحركة الكاميرا والإضاءة
وسوى ذلك. هدفي الدائم هو أن أصل إلى صورة جديدة ومختلفة، وبالطبع هذا يؤدي
إلى تشكل أجواء داخل العمل أعتقد أنها تجعله مختلفاً عن الأعمال الأخرى .
في النهاية فان أي مخرج لايستطيع أن يجد لنفسه مفتاحه الخاص إلى عالم
السينما والتلفزيون، إذا ظل صوته هامشياً وضائعاً في جوقة الأصوات الأخرى .
سمر شمة ( دمشق 1995 )
|