BACK       عودة


أوغاريت ..هدية البحر السوري للإنسانية
باسل الخطيب : الحكم السياسي في أوغاريت كان حكيماً ومتبصراً

بنيت لانتاج درامي في الوطن العربي ،واستغرق بناؤها حوالي ثلاثة اشهر تقريباً واستهلكت حوالي ال/200م3/ من الاخشاب،والسؤال الذي يطرح ، او طرحه الكثير من المهتمين في الوسط الفني والاعلامي ، هو مالسبيل للإفادة من هذه المدينة بعد نداء المتوسط ،لاسيما وان تكليفها كبيرة رغم انها مبنية من الاخشاب ..فهل سيصمد الخشب أمام العامل الزمني والطبيعي ؟ المخرج باسل الخطيب اجابنا قائلاً :" هذه المدينة بنيت وفق مواصفات مدينة اوغاريت بقصد مسلسل نداء المتوسط ،وبالتالي تمت دراسة تصاميمها بدقة كبيرة من قبل أخصائيين،ولكن بعد ان تم بناء هذه المدينة صار هناك إصرار على ان تكون موقعاً لتصوير أعمال أخرى بعد ان فاقت كل التوقعات والتصورات بأن تخرج بهذه الدقة والضخامة ..علماً أن المحافظة على هذه المدينة ممكن من خلال تدعيمها ودراسة المنطقة من الناحية الجغرافية وناحية العامل المناخي تحديداً مع الأخذ بالحسبان أن هذه المدينة أوغاريت لذا فان أي تعديل على الطراز المعماري المعتمد ، سيكون بمثابة إعادة اعمار مدينة جديدة "..
المدينة الجديدة تحقق جواً من الأسطورة رصدت تفاصيله التكاملية بدقة، ديكورات أنور زركلي، وإكسسوارات توفيق طيان ،وملابس فادي فاضل وسهيلة إبراهيم ،وبالتالي فان التكامل الفني يحتاج إلى الواقعية التاريخية في تفاصيل كثيرة تخص بيئة أوغاريت قبل أربعة آلاف عام ... وعن المصادر التي اعتمدها المسلسل بقصد تحقيق مشهد درامي ينتمي إلى تلك المرحلة أجابنا المخرج : " المعلومات المتوفرة من أوغاريت هي متواضعة ، ولأجل هذا بحثنا في أكثر من اتجاه ورغم ذلك ظلت المصادر قليلة .. بالدرجة الأولى لجأنا الى الرقم الاوغاريتية وما نقلته من معلومات حول طبيعة الحكم والحياة ، هناك معلومات ساعدتنا إلى حد ما، طبعاً لم يكن هدفنا من البداية أن يقدم المسلسل صورة فوتوغرافية أو متحفيةعما جرى في أوغاريت. نسعى إلى تسليط الضوء على جانب معين من هذه الحضارة، وبالتالي فان الخيال الفني يمكن ان يغني هذا الجانب إلى جانب مايتوفر من معلومات تاريخية . ارتأينا الحديث عن صراع تاريخي تبرز من خلاله طبيعة الحكم السياسي الذي كان سائداً في أوغاريت والذهنية السياسية التي كان يتعامل بها الحاكم الأوغاريتي مع الممالك المحيطة وان نلقي الضوء على بعض الطقوس الدينية والأسطورية في أوغاريت .. وأود أن أشير هنا إلى أننا نتابع ما يحدث من تنقيبات للآثار في أوغاريت الآن ، هناك باحثون بعد أن انتهوا من اكتشافات القصر الملكي ، توجهوا إلى تنقيبات ودراسات تتعلق بعامة الشعب ..مما يؤكد أن هذه الحضارة العظيمة تخفي وراءها الأسرار الكبيرة. ومن خلال إجابة المخرج السابقة نجد أن هناك إصراراً فرضه النص أولاً وتبناه المخرج ثانياً بأن يكون هناك خطاب فني سياسي تجاه ما يحدث هذه الأثناء في معركة السلام الشجاعة التي تخوضها سوريا، إذ سبق وان أشار وزير الإعلام الدكتور محمد سلمان أثناء افتتاح هذه المدينة لهذا الأمر قائلاً:"ستشاهدون في هذا المسلسل ما كان من دور لأوغاريت في حينه وما لسوريا اليوم من واقع حالي ..فهو محاكاة تاريخية حيث يعيد التاريخ نفسه ولكن بارتقاء وحداثة أكثر وفكر متطور وكلنا رجاء في مشاهدة مسلسل يحكي قصة حضارة أوغاريت في الماضي وسوريا في الحاضر ،وكيف كان باستطاعة أوغاريت ان تسيطر بالقوة على محيطها لكنها فضلت اللجوء إلى العمل السياسي والفكر ،إضافة إلى عملية بناء التآخي وصنع السلام الحقيقي في هذه المنطقة حيث رحل الغزاة وبقي الشعب الذي انتصر وسينتصر بإذن الله على كل الطامعين والمستعمرين..". المخرج باسل الخطيب يضيف في هذا السياق قائلاً: " في ( نداء المتوسط )الذي كتبه الصديق الراحل الدكتور مروان صقر هناك خطاب سياسي واضح ، فأوغاريت كانت تعيش وسط العديد من الممالك القوية المتناحرة والدراسة التاريخية الدقيقة لهذه الصراعات تؤكد أن الحكم في أوغاريت كان حكيماً ومتبصراً وأوغاريت كانت تسعى لإقامة السلام مع باقي الأطراف من موقع القوة والاقتدار وليس من موقع الضعف والعجز".

جمال آدم ( تشرين الأسبوعي 16- 8 – 1999 )